لـمـاذا نترجـــم ..؟
تأتي أهمية الترجمة للتعرف علي الآخر ، ومعرفة كيف يفكر و كيف يكتب.. ماذا يقرأ.. كيف يبدع ..؟ وبالتالي كيف ينظر إلينا ..؟ نتواصل مع إبداعه.. مع نبضه .. خلفيته الثقافية ..نترجم لنعرف ..لنقرأ ..نتواصل..نتحاور ..نختلف .. نتفق .. نتذوق.. نؤثر.. نتأثر ,عندما هجم علينا التتار حرقوا المكتبات أقاموا جسرا من الكتب من المخطوطات من أدبنا من ابداعنا من تراجمنا من دمنا ... ليعبروا عليه, لا للحضارة ولكن لسفك الدم ..للجهل ...هم حرقوا تراث وتاريخ أمة.. في بغداد .. خربوا الثقافة .. اجتثوا الإبداع .. ولعل التاريخ يعيد نفسه عندما رأينا متاحف ومكتبات تُنهب في وضح النهار فما اشبه اليوم بالبراحة !
لم يعد العالم كما كان .. لا مكان لضيق الأفق .. ولا للتشرذم ولا التعنت .. نعم للإنفتاح بوعي بحذر وبضمير ... مسلحين بالعلم بالمعرفة و بالإيمان ..
لمًن نترجم ..؟
شتى الميادين متاحة في العلم في الثقافة في المجتمع ..التراث الإنساني.. الأدب .. من اجل الحاضر .. من اجل المستقبل ..أمتنا العربية .. شعوبنا العظيمة .. لمَن نترجم ؟ للنماذج الرائعة التي أثرت الحياة الإنسانية بفنها وشعرها وبعلمها .. من منا لم يسمع عن شكسبير ..عن كيتس .. عن وردثورث .. عن طاغور وغيرهم من المبدعين والمفكرين ... بالتأكيد الترجمة محاولة لاشعال شمعة تنير الطريق .. كل شاعر من هؤلاء الشعراء لم يكن طريقه ابداً ممهداً بالزهور بل صنع اسمه بالكفاح والاصرار على الحغاظ بموهبته ورعايتها ، و ضحوا بالكثير ، بذلوا من الوقت و الجهد لإيمانهم برسالة الشعر ، منهم من لم يأخذ حقه إلا بعد وفاته أو في خريف عمره في كل قصيدة في كل بيت بل في كل حرف قصة ابداع تميز معاناة.. خطوة على درب الإنسانية ...هذا ما حاول المترجم حسن حجازى اضفاءه هذه الأحاسيس وتلك المشاعر إلى لغتنا العربية ، تعامل مع النص الشعري بحس الشاعر المبدع وليس مجرد الترجمة الحرفية للنصوص ، بل بذل جهداً في استحضار الحالة الشعرية للنصوص وروح الشاعر .
يضمن هذا الكتاب سير ذاتية مختصرة لنماذج من لشعراء الانجليز وأهم أعمالهم ، بالإضافة إلي نبذة مختصرة عن حياتهم وترجمة بعضٍ من أشعارهم وحاول المحافظة على روح القصيدة مع بساطة اللغة والإبتعاد عن غريب اللفظ وحرص بقدر الإمكان على عدم الابتعاد عن النص الأصلي وروح الشاعر ، منتقياً بعض النماذج المتنوعة من الشعر الإنجليزي متعددة الاغراض في الرومانسية والوصف , ووفقا للغرض الشعري السائد في القصيدة .
لا شك أن حركة الترجمة في بلادنا العربية ضعيفة في ظل المناخ الثقافي القاسد والذي لا يشجع على تكريث الجهد لهذه المهمة الشاقة ، و يحتاج إلي تسليط الضوء على اهمية القراءة و الإبداع بصفة خاصة والثقافة بصفة عامة وأهميتها ودورها الرائد في سبيل التحضر والتمدن للشعوب ليأخذ المبدع المكانة التي تليق به ..
وإذا حاولنا المقارنة بيننا وبين أي دويلة صغيرة نجدها تترجم أضعاف ما يترجمه العالم العربي أجمع ..النهضة تبدأ إلى حد ٍ كبير , بالمعرفة التي تعتمد عليها بالترجمة.
هناك جهود في الترجمة تُبذَل ، لكننا نريدُ مشروعات جماعية ضخمة ، تُحَدد أهدافها وتشرف عليها هيئات متخصصة , مثل جمعية المترجمين واللغويين المصريين التي ينتمي لها المترجم ، وأحسب أن اتجاه المؤسسات الثقافية في مصر الآن تسير في الاتجاه الصحيح ، حيث تولي الدولة ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة أهتماماً كبيراً بالترجمة ، ونظراً لأهميتها الفائقة ودورها الفاعل في النهوض بالمجتمع ، عقد اتحاد كتاب مصر مؤتمراً هاماً للترجمة . وكذلك هناك مشاريع لترجمة بعض النماذج الحية للمبدعين العرب والمصريين في مجال القصة القصيرة والرواية والشعر العربي ينوي كتاب الأجيال إصدارها قريباً مترجمة إلى اللغة الإنجليزية ، ثمرة تعاون بين جمعية المترجميين واللغويين المصريين و الأجيال المصرية ، حيث يعكف الشاعر والمترجم حسن حجازي عليها متطوعاً وعلى وشك الإتتهاء من ترجمتها ، ندعو له التوفيق لتظهر تلك الأعمال في أبهى وأفضل صورة تليق بنا.
بقلم :
إبراهيم عطية
إبراهيم عطية
رئيس مجلس إدارة جريدة الأجيال /مصر قاص وصحفي , عضو اتحاد كتاب مصر